كي نتمكن من إدراك ضخامة هذه المهمة، علينا أن نعي أهم حقائق العمل على مشروع إفطار صائم، وهي
أن فريق العمل يضم زهاء 1200 شخص، يتعاملون مع ما يزيد على 30 طناً من المواد الغذائية يومياً، خاضعة لأقسى معايير الرقابة الصحية، ومع ذلك يبدو لنا أن الطهاة المسؤولين عن هذه العملية لا يجدون فيها مشقة.
الطاهيان التنفيذيان كارستن غوتشالك وجورج غابريال، إلى جانب الطاهي التنفيذي الثاني سليم شاجاهان، اللذين يعملون في مطبخ نادي ضباط القوات المسلحة بأبوظبي، أضحوا جنوداً حقيقيين في مجال إعداد الطعام. فبعد سنين الخبرة التي قضوها ضمن فريق مطبخ النادي الذي يجهز مآدب كبيرة لأحداث هامة ضيوفها من الشيوخ وكبار الضباط والشخصيات، اعتادوا تأمين الطعام المناسب لأعداد كبيرة وضمن فترات زمنية محددة.
وعلى الرغم من أن مشروع إفطار الصائم يعد الأضخم والأكثر تحدياً بالنسبة للفريق، ليس لأنه يرفع شاغلية المطبخ إلى الحدود القصوى يومياً فحسب، بل أنه يتطور وينمو عاماً بعد عام، ومع ذلك فإن ثلاثي الطبخ المسؤولين عن هذه العملية، تعودوا بأن يبقوا زمام هذه المهمة تحت السيطرة، يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام.
غابريال، لبناني الأصل، يعمل في نادي ضباط القوات المسلحة منذ 18 عاماً، وهو جزء من مشروع إفطار صائم من اليوم الأول له، وقد كان غابريال شاهداً على تحول هذا المشروع من مكرمة أميرية إلى مبادرة خيرية كسرت العديد من الأرقام القياسية العالمية.
"لدينا فريق رائع، فكل فرد فيه يتعاون مع الآخر ويعلم تماماً ماعليه القيام به، فعلى سبيل المثال، لدينا ثلاث فرق مهمتها فقط طبخ الأرز؛ فالفريق الأول يتولى تنقيته، والفريق الثاني يغسله، فيما يقوم الفريق الثالث بطهوه. وبالتالي على الجميع أن يتعاون ضمن هذه العملية كي نتمكن من تجهيز الطعام في الوقت المناسب كل يوم ومن دون أي تأخير".
مع مغيب شمس كل يوم، على فريق الخدمة أن يكون جاهزاً لتقديم 20 ألف وجبة ضمن جلسة واحدة. وكي يتمكنوا من القيام بذلك، يتطلب الأمر شهوراً من التخطيط والنظام الصارم، بدءاً من التزويد بالمكونات المطلوبة، مروراً بتخزينها وتجهيزها، وصولاً إلى عمليات صيانة المعدات والرقابة الصحية والسلامة. وكما هي الحال في أي عملية تديرها القوات المسلحة، ليس هنالك مجال للخطأ.
بالنسبة للطهاة، لا تقتصر مهمتهم على تجهيز عدد الوجبات المطلوبة في الوقت المناسب من كل يوم، فلا بد لهم من ضمان جودة ونكهة الطعام في كل طبق يقدمونه يومياً. ومع خبرة سبعة أعوام ضمن فريق نادي ضباط القوات المسلحة، أتقن الطاهي التنفيذي الثاني شاجاهان هذا الفن وبرع به.
"تقسم كل عملية علينا القيام بها إلى مجموعة من الأجزاء، فلدينا مهمات كثيرة ما يتطلب عدداً كبيراً من العاملين"، يقول شاجاهان الذي يشرف على جزء من فريق مطبخ النادي المكون من 500 شخص، ويضيف: "عندما يجهز الطعام، نقوم بوضعه في خزائن تحافظ على حرارته، ولدينا فريق خاص مهمته التأكد من درجة حرارة الطعام وتنظيم الوقت في كل مرحلة من مراحل التقديم".
ينقل الطعام تبعاً لمعايير صارمة، ويشرح الطاهي التنفيذي غوتشالك الذي انضم لفريق عمل النادي في عام 2012: "النظام الذي نتبعه يسمح لنا بمتابعة كل عربة من عربات الطعام، والتأكد من أنها تلتزم بالمعايير الوقتية، فنحن نعلم تماماً متى يتم تجهيز كل شيء، وكم من الوقت عليه أن يستغرق قبل أن يصل إلى الوجهة المطلوبة، كل هذه المعلومات ضرورية جداً للحفاظ على السلامة الصحية للطعام".
يبدأ التجهيز لكل وجبة الإفطار قبل 3 أيام، حين يتم وضع 12 طنٍ من لحم الدجاج المجمد ضمن ثلاجات فك التجميد المخصصة، كما يتم تتبيل هذه اللحوم قبل يوم من طهيها ضمن أفران ضخمة طاقتها الٌإنتاجية 5000 وجبة في الساعة الواحدة. كما تتضمن الوجبات لحوم الضآن أيضاً، إلا أنها توزع بكميات أقل نظراً لاستغراقها وقتاً أطول في الطبخ. وفي الساعة الثانية من كل يوم، تجهز الوجبات تماماً ويحين وقت إيصالها.